• ×

08:16 مساءً , الخميس 25 أبريل 2024

عبدالكريم الجهيمان شيخ الليبراليين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
محمد علي قدس.
لم يحو في طيه علما ومعرفة
ولا ترى فيه آمالا ولا فكرا
فليت ما كان مستورا بدا علنا
وليت ماكان يبدو عاد مستترا

ترى إلى أي حد يمكن أن نقرأ تلك الأبيات التي يصف فيها عبدالكريم الجهيمان نفسه، وهو الكاتب والأديب والمؤرخ الذي عاش قرنا من الزمان ويزيد، الذي لم يكن أديبا تقليديا، وقد عاش أجيالا مختلفة كان فيها الصراع قائما بين الأصالة والحداثة. كانت حكاياته وسردياته وكلماته تشكل فكر أديب منفتح متحرر، بما يؤكد ليبراليته، وهو التقدمي برؤاه والمتحرر بأفكاره، وقد عاش عالما تقليديا سطحيا بكل المقاييس.
(المواقف الوطنية والقومية للأديب عبدالكريم الجهيمان) تحت هذا العنوان قدم الباحث المؤرخ الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي، بحثه في أحد المنتديات الأدبية في الدمام، أكد فيه أن الأديب الجهيمان -رحمه الله-، نادى في مؤلفاته العديدة بالوحدة العربية، وأعلن رفضه للاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط، ووجه نقده لحركات الاستعمار الفرنسية والبريطانية والأمريكية. وذكر الأستاذ القشعمي في بحثه، أن الأستاذ الجهيمان كان رائدا أسهم في نشأة الصحافة في المنطقة الشرقية، وكان لتجربته الثقافية والأدبية أثرها على الصحافة السعودية، وحين قامت الحرب العالمية الثانية، وطال أمد الحرب، أراد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، أن يجعل من مدينة الخرج في منطقة الرياض سلة لغذاء المملكة، وتوجه الأستاذ الجهيمان إلى هناك منتدبا من قبل جلالته لتعليم أبناء العائلة المالكة، وهناك تعمقت علاقته بالأمير يزيد بن عبدالله بن عبدالرحمن الفيصل، ورافقه في حله وسفره، وأصبح من ندمائه، وخلال مرافقته للأمير زار كلا من مصر ولبنان وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا، وسجل الأستاذ الجهيمان رحمه الله انطباعاته ومشاهداته في هذه الرحلات في مؤلفاته ومن أشهرها (أدب الرحلات) و (ذكريات باريس)، ومن ثم واصل الجهيمان سفره ورحلاته في دول الخليج العربي والعالم، وساهم ذلك في توسعة مداركه، ووضوح رؤيته، فكانت له فلسفته وأسلوبه المتميز.
من آثار الأستاذ الجهيمان وأهم مؤلفاته التي سُجلت له في تاريخه الأدبي والإعلامي، إصداره مجلة (أخبار الظهران) التي كان صاحبها ورئيس تحريرها مثل بقية أدباء المملكة في جيله والأجيال التي من بعده، الذين كانت لهم مجلاتهم الخاصة كالأساتذة عبدالقدوس الأنصاري، حمد الجاسر، عبدالله خميس وأحمد عبيد.
وقد سبق للأستاذ الجهيمان، أن شارك بالكتابة في صحف الحجاز التي كانت تصدر بين عامي 1934و1938م. تركت مجلته أخبار الظهران أثرها في ثقافة وتنوير أبناء المنطقة الشرقية. وذلك لأن الأستاذ الجهيمان رحمه الله كان يُعد من رواد التنوير والتربية ومن رجالات الأدب الرواد في المملكة. قادته أفكاره إلى السجن لكتابته مقالا نادى فيه بضرورة تعليم المرأة، في وقت كان يرفض المجتمع تعليمها.
لم تشكل أفكاره وآراؤه التحررية أي مصاعب أو عقبات، فهو لم يتورط في حياته بالتأثر أو اعتناق أيديولوجية فكرية أو توجه سياسي، ولم يكن يساريا ولا محسوبا على المحافظين، لكنه كان ليبراليا وطنيا، ومن قدماء الليبراليين.كان الجهيمان صريحا وجادا في مواجهة الأفكار البائدة التي لا تروق له ويتصدى لها بصرامة.

رسم يمثل جسمي في مباذله
وفيه من شبهي ما كان قد ظهرا
قد أغفل العقل لم يظهر له سمةٌ
وأغفل الروح لم يذكر له خبرا
تلك هي الملامح التي حددها الجهيمان لنفسه، فهل نراها مطابقة لما قرأناه له وعنه وعن طبيعة فكره وشخصيته؟
المصدر: الشرق- العدد 1493

بواسطة : admin
 0  0  814
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:16 مساءً الخميس 25 أبريل 2024.