• ×

03:17 صباحًا , السبت 20 أبريل 2024

في لقاء أبي سهيل

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
إسحاق الشيخ يعقوب.
عندما صعدت بنا أعتاب الدار إلى مجلسه المتواضع.. حبستُ أنفاسي.. وأناأدير بنظراتي في من حولي.. ونبض ذاكرتي يذهب بي قصياً.. قصياً إلى أعوام الخمسينات.. محاولاً استعادة ملامحه والوقوف على بعض محطات كتاباته.. أذكر أني كتبت مشيداً بأول كتاب صدر له حول القصص الشعبية.. واستنتجت القيمة الاجتماعية والمدلول الروحي والمادي الذي يلامس هواجس إنسان الأسطورة

ويشده منخيال الواقع إلى واقع الخيال.. ولشد ما أفرحني ذلك «القشعمي» الرائع الذي صاحبنا إلى بيت أبي سهيل عندما قال: بأنه يحتفظ بقصاصة ما كتبت.. وأنه سوف يضعها بين يدي أبي سهيل. ها هو.. يدلف علينا شفيفاً لطيفاً خفيفاً يندف وداً وتواضعاً.. وطيبة تتنفس كبرياء الوطن.. وابتسامة عذبة تسبق خطواته الواثقة.. قصير القامة ونحيفها عثنونه يتكور مبعثراً كبقايا ثلج امتصت أطرافه توهجات شمس تبددت السحب من حولها..!! وعيونه تفيض بريقاً مميزاً ينم عن ذكاء فطري أغنته وأضافت إليه خبرة أعوام لا يقل تعدادها عن ثمانين عاماً.. وله فمّ لا يفتر أبداً عن ابتسامة رقيقة كضياء فلقي مبهج..!! ضمنا واحداً.. واحداً.. وألق مجد الفرح يُوهج تموجات بريق مقلتيه وارتعاشات مشاعره. «أهلاً.. أهلاً.. بالأصدقاء القدامى..» منذ أكثر من «35» سنة لم أره وجهاً لوجه.. يا لهذا الاغتراب المميت.. غير أن العزاء هو أننا نتابع ما يكتب: ننقد بعضه.. ونُبهر لبعضه.. وإن الوفاء لهذا الرجل - الإنسان.. بل لهذه القلعة الثقافية التي ما أنثنت لعوادي الزمن.. وأعطت ما ستطاعت أن تعطي من عطائها الجميل لثقافة الوطن.. هي التي دفعتنا لزيارته في بيته عندما حطت أقدامنا أرض الرياض. قلنا لأبي سهيل أنت بذرت وزرعت وحصدت وتكبدت مشقة هذا العمل الجليل في «صحيفة الظهران» وكان جزاؤك هذا الإجلال والإكبار من أبناء المنطقة الشرقية.. وقد انحفر اسمك وذكراك الممطر الجميل في ذاكرة إنسان هذه الأرض.. وسيبقى ذكرك ما بقي الوفاء والكبرياء لوطننا الجميل، وتلمع عيناه بريقاً صادقاً ودوداً طيباً محبباً إلى النفس والوجدان.. وأحس بمشاعره تتراقص طرباً وفخراً لشجون ذكرى غابرة فجرها شد وجذب الحديث. «عندما تطأ قدمي المنطقة الشرقية.. لا أطيق المكوث كثيراً.. فالذكريات تؤرقني.. وعندما أفارقها أحنُّ إليها مرة ثانية.. يا لها من مفارقة عجيبة.. تحمل أسباباً ودوافع أعجب!!». حقاً لقد كان اللقاء جميلاً وكانت الذكريات تزيد هذا اللقاء حميمية ورقة وجمالاً.. ونغادر وعبق أبو سهيل الثقافي والأدبي يضمخ أرواحنا ويزيدنا ثقة بأن كبرياء ومجد الوطن وأنفته تُستمد من إنسان هذا الوطن. - اللقاء تم برفقة الأستاذ محمد العلي والأستاذ محمد القشعمي -
المصدر: اليمامة - العدد 1217 - الأربعاء 14 صفر 1413هـ

بواسطة : admin
 0  0  1.1K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:17 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.