• ×

03:07 مساءً , الإثنين 7 أكتوبر 2024

هوامش على ألف ليلة وليلة وأساطير الجهيمان 2 - 2

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
محمد القشعمي.

أصدر الأستاذ عبدالكريم الجهيمان (أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب) في خمسة أجزاء بـ 2000 صفحة، الأجزاء الأول والخامس يحتوي كل منها على 27 قصة، أما الأجزاء الثاني والثالث والرابع ففي كل جزء 43 موضوعاً ما بين قصة وسالفة وسبحونة وقصة مثل وأقصوصة قصيرة ومثل في رؤيا ومقال في صفقة تجارية.
فالسالفة أو السبحونة قد تصل الواحدة إلى 20 صفحة بينما المثل أو القصة فهي لا تزيد على الصفحتين، وكل جزء من 400 صفحة.
أمامي الجزء الأول في طبعته الثالثة 1400هـ / 1980م، والجزء الخامس في طبعته الأولى 1404هـ / 1984م وهذا يعني أن الأجزاء صدرت تباعاً خلال 20 سنة الجزء الأول أهداه إلى الأجيال القادمة ليعرفوا كيف كان آباؤهم وأجدادهم يفكرون ويحلمون؟ وما هي أهدافهم وأمانيهم في الحياة وعن علاقاتهم مع بعضهم بعضاً وقت الرضا وفي حالات الغضب.. في أوقات السلم.. وفي أوقات الحرب.. وكيف يعالجون قضاياهم.. وألوان أخرى من العادات والتقاليد..
اتبعها بمقدمة من 9 صفحات ثلاث عن نفسه وست عما تشتمل عليه هذه الأقاصيص، وقال: إن عناوين هذه الأساطير تنقسم إلى قسمين، قسم بعنوان سالفة ومعناها، الحادثة الماضية التي سلفت وانتهت، والقسم الثاني بعنوان سبحونة وهذا الاسم مشتق من مطلع الأسطورة ومبتداها الذي يكون غالباً بذكر الله وتمجيده وتسبيحه.. ومن هذا الافتتاح اشتقت التسمية.
وقال: «..إن جمع وطبع هذه الأساطير سوف يكون له فائدة جلى لمن يريد أن يدرس أحوال المجتمعات الماضية من اقتصادية وسياسية واجتماعية، كما أن في جمعها أيضاً ضرب من ضروب التسلية البريئة والتفكه المفيد»، وقال قد يختلف عليها.. «..فالناس قل أن يتفقوا على أمر من الأمور.. وإذاً فمن شاء أن يقرأها فليقرأها ومن شاء أن يهجرها فليهجرها.. ومن شاء أن يمدحها فليمدحها ومن شاء أن يذمها فليذمها.. فإنها إن كانت تستحق الحياة فسوف تبقى رغم قدح القادحين.. وإذا كانت ليست لها مقومات الكائنات الحية فسوف تموت ولن يحييها مدح المادحين ولا ثناء المعجبين!» بيروت 5/ 6/ 1387هـ. وهذا يعني أن هذا تاريخ طبعتها الأولى.
قال لي مطلع عام 2000م وأنا أقدم له ترجمة مختارات من تلك الأساطير باللغة الروسية: ما قلت لك إن أغلب من يشتري هذه الأساطير (الخواجات).
يروي القصص ويمزجها بالأمثال وبعض أبيات الشعر إلا أنها لا تصل إلى عدد القصائد التي وردت في (ألف ليلة وليلة) التي تقول الموسوعة الميسرة إنها 1420 قصيدة.
وقد مزج الأمثال وبعض أبيات الشعر بالسالفة أو السبحونة مثل: فتلك ديون نؤديها لمن سبقنا ويؤديها إلينا من لحقنا» و«فالخيانة تكون من وراء الظهر!! والغدر يكون في غفلات الدهر..» و«ينكشف المغطى وتظهر الأسرار» و«إلى طاح شيخ القوم طفيت نارهم» و«كل حجرة ولها أجرة» و«ليس فخراً أن تنازل جباناً فتهزمه ولكن الفخر أن تنازل بطلاً فتقهره».
يذكر اسم من روى له السالفة أو السبحونة ومنهم زوجته نورة بنت ناصر العوفاني وابنه خالد وأخوه صالح ومن أصدقائه حمد الجاسر وإبراهيم بن عمار وعبدالرحمن الشويعر وحمد الحنطي ومحمد الفهد العيسى وعبدالرحمن المرشد وغيرهم، وحتى الشريط الذي يستمع إليه مثل قصة (سليمان بن داوود مع الغراب) التي سمعها من شريط مسجل عند الدكتور عبدالعزيز الخويطر لإحدى قريباته المسنات.
وحتى إذا رواها أحدهم لغيره يذكره مثل سبحونة (عجوز الجن المتصابية) ج5 ص37 «رويت هذه السبحونة عن الأخ الصديق الأستاذ عمر بن سدحان كما رواها عن المرحوم عبدالرحمن السبيعي وقد كتبتها بأسلوبي الخاص».. وهذا من باب الأمانة في النقل والإحالة.
وفي آخر كل جزء يورد جدولاً بإيضاح الكلمات الشعبية، وفهرس بعناوين المواضيع و«رجاء إذا كان عند القارئ ملاحظة على ما سبق أو كان لديه أساطير تشتمل على تجربة أو تسلية أو عبرة أن تبعثها للمؤلف بمكافأة من مؤلفاته» ووضع عنوانه: عبدالكريم الجهيمان – الرياض - شارع الجامعة - منزل رقم 11 أمام الكندادراي، رقم الهاتف 61215.
وفي نهاية الجزء الخامس يكتب (حاشية على الذيلين) يقول إن هذا الجزء الخامس والأخير «ولا أدعي بهذا المجهود المتواضع أنني جمعت كل الأساطير المتداولة بين المواطنين في هذه الأجزاء الخمسة، فالأساطير بحر وافر لا ينضب معينة.. ولا تنحصر شجونة.!!».
ويلاحظ تشابه أو تماثل أو تطابق بعض السوالف أو السباحين لبعض قصص ألف ليلة وليلة مثل: (بنت السلطان اللي شوفتها بمية ربية) ج5، وسبحونة (القطية) ج1 و(سالفة العجوز التي توفي زوجها وقطع معاشه) و(صفقة تجارية.. أو إنوهازباد) و(سالفة الحطاب وكنز بوابة بغداد والتي أخذت من ألف ليلة وليلة، وصدرت كرواية (الخيميائي) لكويلو باولو. و(الصياد مع الساحرة صاحبة قبعة الريش) تشبه قصة الحسن البصري بألف ليلة وليلة، وغيرها كثير.
يبدأ السبحونة التي ترويها الجدة بـ«هنا هاك الواحد والواحد الله في سماه العالي، وإلى هناك الرجل الذي توفي والده..» ويختتمها باللازمة التالية: «وعاش الزوج وزوجته في سبات ونبات ورزقوا الكثير من البنين والبنات إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، وعاد الراوي من ربوعهم وهو لا يحمل إلا جميل الذكريات.. وحملت وكملت وفي أصيبع الصغيِّر دملت».
وهناك قصص مثل: «شلهوب ينجو من الموت بسبب لحيته البيضاء» وهي قصة حقيقية عن تكليفه ببناء منازل لسبعة من أبناء الملك عبدالعزيز، وتأخر وانشغل عن صبغ لحيته.
وكذا قصة أبو عباة ومشاركة جاره في بير الماء بين منازلهم، وأبو عباة بالهند.. وغيره.
واستشهاده بقصائد من ديوان (شاعرات من البادية) ومقطوعات أخرى يختتم بها بعض الصفحات التي بقي بها متسع.
وهو حريص على أن يقدم لكل جزء بما استجد، ففي الجزء الأول كتب (المقدمة) وفي الجزء الثاني كتب: (ذيل المقدمة)، وفي الجزء الثالث كتب: (ذيل الذيل) والرابع هكذا.. أما الخامس فقد كتب: (حاشية على الذيلين).
وكان حريصاً على إيراد اللازمة المعتادة عند بداية القصة وعند نهايتها، حتى
لو انشغلت الجدة في بعض الليالي فيتطوع أكبر الأطفال سناً وأقدرهم على النيابة عنها بقص ما يحفظه.
وقد قابلت بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لدى الدكتور يحيى بن جنيد الدكتور شاه رستم موساروف مدرس اللغة الروسية بكلية اللغات بجامعة الملك سعود والذي أبدى رغبته في ترجمة مختارات من الأساطير، وأنه يرغب في مقابلة الأستاذ عبدالكريم الجهيمان ليعرض عليه الموضوع ويستأذنه بترجمتها للغة الروسية. وقد قابله بمنزلي نهاية عام 1997م، فوافق وتم طبع كتاب يحتوي على ما يقارب 150 قصة باللغة الروسية بدعم من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 1999م.
هذا وقد ألف الصديق الأستاذ عبدالله محمد حسين آل عبدالمحسن عن تلك الأساطير كتباً سماه (تداعي الواقع في الحكايات.. أساطير الجهيمان نموذجاً) عام 1426هـ 2005م.
وإذا كان قد أمضى أستاذنا الجهيمان عشرين سنة في جمع وإعداد هذه الأساطير من عام 1387هـ / 1967م حتى عام 1404هـ / 1984م. فقد أمضى مثلها في جمع وإعداد وشرح (الأمثال الشعبية في قلب الجزيرة العربية) بعشرة أجزاء وبـ 9016 مثلاً مشروحاً فقد طبع الجزء الأول عام 1383هـ / 1963م والجزء العاشر طبع عام 1403هـ / 1983م وبهذا قدم خدمة كبيرة للمكتبة العربية في جمع شتات ما تفرق وكاد أن يضيع لولا حماس وعزيمة الجهيمان التي لا تكل ولا تمل. ولهذا نجد صديقه الأستاذ عابد خزندار يقول - عندما كانا بالسجن - عن هذا العمل: «..وأنا أدين بثقافتي العربية للجهيمان الذي كان يشرح لي بصبر ما استغلق علي من شعر العرب ويكشف لي عن طُرَفه ومناحي الجمال فيه، وكنا لا ننام من الليل إلا أقله وكان يقص علينا حكايات نجد وأساطيرها وقد جمع هذه الحكايات فيما بعد في كتابه: (أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب) ويقع في خمسة أجزاء وهو كتاب يضم في ثناياه التاريخ الحقيقي لمعاش القوم في قلب جزيرة العرب، كما يحتوي على أحلامهم وتطلعاتهم وشوقهم إلى الحياة الرغدة الهانئة فضلاً عن تجاربهم وما تمخضت عنه من حكمة وخبرة بالحياة والناس ومعرفة بالدهر وتقلباته وهي تجارب يمكن أن يقال عنها كما يقال عن (ألف ليلة وليلة)، «إنها لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر» وفي هذه الأثناء – السجن – بدأ في تجميع وكتابة أمثال قلب جزيرة العرب... ومع الأيام وسهر الليالي الطوال استطاع الجهيمان بعد سنين طويلة أن يجمع أكثر من تسعة آلاف مثل مثبتة في عشرة أجزاء وهو عمل لو تضافرت عليه لجنة مؤلفة من عشرة من الباحثين وتظاهرت عليه لنأت عن القيام به، وهو إنجاز لا نستطيع أن نقدره حق قدره...».
المصدر: مجلة اليمامة تاريخ: 09/05/2019

بواسطة : admin
 0  0  1.7K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:07 مساءً الإثنين 7 أكتوبر 2024.