علمت أن كثيرا ممن أعرف وممن لا أعرف ينتقدون علي أن أدعو إلى الاستعاضة عن العباءة بلباس أخر بينما أنا مثابر على هذا اللباس .. ويرون أنني بهذا أقول مالا أفعل و أدعو إلى شيء و لكنني لا أتحلى به.. وهذا الشعور والوعي الذي يشع من جميع طبقات المواطنين شيء يدعو إلى الفخر و الإعجاب و الإعتزاز ، وما دام مواطنونا يتمتعون بهذا الشعور المميز والإحساس المرهف فإنني أحب في هذا المقام أن أدافع عن نفسي فأوضح موقفي ليكونوا على بصيرة من أمرهم .
إنني لست الوحيد في هذا المجتمع الذي يخالف قوله فعله غير أنني أمتاز بأن مخالفتي هذه ليس فيها تضليل وليس فيها تزكية للنفس كما أنه ليس فيها إضرار بأحد أو اعتداء على حقوقه وليس فيها كسب أخذه بطريق التهريج والترويج لأمور أتضاهر بها علنا وأخالفها سرا .
هذه ناحية والناحية الثانية إنني دعوت إلى هذه الفكرة لأمرين :_
الأول محاربة ناحية الإسراف فيها ، والأمر الثاني هو أننا في عصر السرعة والعمل والصراع والمغالبة وهذا النوع من اللباس يعوق ويثبط ولا يتلاءم مع حياة العصر وأنا قد التزمت لباس عباءة واحدة صيفا وشتاء ولمدة سنوات وهذه العباءة متوسطة الثقل ومتوسطة القيمة ، وبهذا انتفت ناحية الإسراف .
أما ناحية السرعة والصراع والمغالبة فتلك أمور قد فات زمانها بالنسبة إلي ولم يبق من عمري إلا حياة الهدوء والطمأنينة والاستقرار . والذين يستطيعون أن يفيدوا من هذه الفكرة هم الناشئة الجديدة الذين هم مقبلون على حياة كلها سباق وغلاب وسرعة .
هذا دفاعي عن مسلكي فهل تراني أيها القارئ الكريم أحسنت فيه وأقنعت.. لعلي أكون كذلك .
ومع هذا فإنني لا أزال أشعر أن هناك شيئا يحز في نفسي وأن أشباحا تطاردني من همسات الناقدين و غمزات جفونهم في حق شخصي الذي ينهى عن خلق ثم يرتكبه ، ويدعو إلى التحرر من بعض العادات وهو يرسف إغلالها .
إنني هنا أعترف وأشعر بالألم ، ولعل الشعور بالألم أولى مراحل الإقلاع ، فهل يحس غيري ممن يرتكبون مثل هذه الأخطاء أو أقل منها فداحة أو أكثر بمثل ما أحس به ؟!.
أن كانوا كذلك فاننا أمة يرجى لها مستقبل زاهر ومجد اثيل ، وإلا فإننا سنبقى حيث نحن في كنف الغبراء في عصر تتسابق فيه الأمم لبلوغ الكواكب وغزو الفضاء .
اليمامة عدد 146 تاريخ 27/4/378