• ×

12:41 صباحًا , السبت 23 أغسطس 2025

ترجمة مختصرة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
image

الاسم : عبدالكريم بنت عبدالعزيز الجهيمان.
الكنية : أبو سهيل.
النسب : يعود نسبه إلى بني تميم.
مصدر لقبه:
الجهيمان لقب علق بجده لأنه كان يجهم إلى أعماله، أي يسعى إليها في أواخر الليل، وصغر اللقب فبدلاً من أن يكون جهمان جعلوه جهيمان، والتصغير ظاهرة معروفة في كثير من أسماء الأشخاص، أو القبائل، أو الألقاب.
مكان وتاريخ الميلاد:
ولد عام ۱۳۳۳ هـ في قرية في الوشم تسمى غسلة، يجاورها قرية أخرى تسمى الوقف، ويطلق على القريتين القرائن. وكان والده من غسلة، ووالدته من الوقف.
بيئته وطفولته :
انفصل والده عن والدته قبل أن يعي ما حوله ولأسباب لا يعرفها... فعاش منتقلاً بين والده وأعمامه في غسلة، وبين والدته وأخواله في الوقف، وكانت القريتان متجاورتين لا يفصل بينهما إلا واد كبير يسقي الكثير من مزارع القريتين، يسمى العنبري.
وكانت القرائن تعتمد في معيشتها على الفلاحة وتربية المواشي، وهناك قلة منهم يعتمدون في معيشتهم على نقل الأحمال من قرية إلى قرية ومن مكان إلى مكان آخر ويسمون "الجماميل". وكان جده لوالده من كبار الفلاحين في غسلة.
وعاش والده فترة من الزمن يعمل مع جده في الفلاحة ثم انفصل عنه، وصار يعمل في الجمالة كان عمره عندما تزوجت أمه زواجها الثاني ثلاث سنوات أو أربع -وهي ابنة لأحد الفلاحين- تطعمه وتسقيه.
ثم تتركه في المنزل وحده وتذهب مع رفيقاتها لجمع الحشائش من الصحراء أيام الربيع من أجل تلك الحيوانات التي تخرج الماء من الآبار لري المزروعات.
كانت حياته في طفولته كلها حركة وحرية وانطلاق، بحيث يستيقظ مع طلوع الفجر، ولا يهداً من الحركة إلا في ظلام الليل. كما كان رفقاؤه "لداته" مثله يمارسون ألعابهم، ولكل طبقة منهم ألعابهم الخاصة التي تتناسب مع أعمارهم، هناك ألعاب الليل وألعاب النهار.
وللبنات ألعابهن الخاصة، وكانوا يمارسون هواية الصيد في النخيل حيث يغزون الطيور في أعشاشها، ولديهم الطيور المهاجرة التي يصطادونها بواسطة الأفخاخ، والصيد في الصحراء حيث الجرابيع والضباب، والأرانب وغير ذلك.
وهكذا عندما فتحت عيناه على الدنيا وكان عمره حوالي الأربع سنوات، كانت أمه قد انفصلت عن أبيه بالطلاق، وكان يعيش ووالدته عند خاله، ثم جاء لأمه خطيب من قرية مجاورة لقريتهم، فتزوجته وذهبت إلى تلك القرية المجاورة، وتركته في حضانة جدته.
وكانت أمه تزوره بين وقت وآخر، فإذا حضرت اهتمت بأمره وبأمر نظافته ثم تركته عند جدته وذهبت إلى زوجها الجديد. وهنا بدأت بوادر جديدة في نفسه .. إنه يغار عليها ويغار أيضاً على والده الذي اختطفت منه زوجته، وصارت عشيرة لزوج آخر.
حرمه من عطفها وحنانها أكثر الأيام والساعات، لقد كانت هذه الأفكار تتفاعل في نفسه الصغيرة فتولد كرهاً !! وتولد حقداً لهذا الوضع الشاذ، حسب ما تصوره له نفسه المحدودة المدارك آنذاك. وتطورت هذه النزعة إبان طفولته.
فهو يريد أن ينتقم من الاثنين معاً، والدته وزوجها الجديد !! ولأنه لا يعرف زوجها وهو بعيد عن متناول يده الصغيرة، بقيت والدته التي يراها عندما تأتي ويراها عندما تذهب إلى القرية المجاورة، ويعرف طريقها إلى تلك القرية وكان يملأ حجره بالحجارة.
فإذا خرجت من القرية، واتجهت إلى القرية الثانية، وقف في مكان مرتفع، ثم صار يرمي هذه الهاجرة بالحجارة، وكان بعض تلك الحجارة كما يقول أبو سهيل - يقع عن يمينها، وبعضها يقع عن شمالها، وبعضها يقصر عنها، وهي ماضية في طريقها لا تسخط.
وتكرر عمله هذا حتى كبر قليلاً، وتوفي زوجها الجديد، فاحتضنته من جديد وهي السبب في تعلمه، غفر الله لها وجزاها بما أحسنت، وغفر الله لأبي سهيل وعفا عنه فيما أساء، إنه جواد كريم غفور رحيم.
بالرغم من تلك الظروف وهذه النزعة البريئة، فقد عاش أبو سهيل حرية نادرة المثال، حيث لا حدود ولا قيود في عهد الطفولة، وكان يعيش بين هاتين القريتين.. فإذا ضاق بإحداهما ذهب إلى الأخرى، وكان يعيش كذلك بين بيتين.
إذا ضاق بواحد منهما ذهب إلى الآخر وهما بيت خاله في قرية الوقف وبيت والده في قرية غسله. في هذا الجو الريفي البسيط الطليق عاش طفولته، ولم يحس في يوم من الأيام أنه مكروه من أحد البيتين، بل كان يجد حباً وترحيباً وعطفاً قل أن يجده غيره من الأطفال.
كان الأطفال يملأون أوقاتهم بالحركة وبالمنافسة في كثير من الألعاب التي منها ما يمتد على الذكاء، ومنها ما يعتمد على القوة البدنية، ومنها ما يعتمد على سرعة الحركة عندما يكون السباق، وشدة الحذر عندما تتأزم المواقف.
في تلك العهود كانت لديهم أنواع من الرياضات المتعددة التي منها ما كان يمارس في الشتاء ومنها في الصيف. وفي هذه الأجواء لم يكونوا بحاجة إلى الألعاب صنعت واستوردت من الخارج. فلديهم الاكتفاء الذاتي من أدوات هذه الألعاب.
فهم يلعبون بالحجارة وكعاب الأغنام، وغصون الشجر، ويلعبون أيضاً برمال الصحراء. كان أبو سهيل ولداته يحرصون في طفولتهم على ترتيب أدوات هذه الألعاب، فإذا مضى وقت واحدة، وبدأت الأخرى، فإنهم يحتفظون بأدوات اللعب التي مضى أوانها.
ويجعلونها مكان خاص بها حتى يأتي دورها في مواسمها المعتادة. وإذا ضاع شيء منها، أو انكسر، عوضوه حالاً بما يتوفر لديهم من هذه الأدوات التي في متناول أيديهم. أما كيفية تعلمهم القراءة والكتابة فقد كان ذلك فوق التراب.
وهذا هو الشيء الطبيعي، أن يلتصق الإنسان بأمه الأرض، وأن يباشرها بجسده أو بعض جسده فما تلك الفرش الفاخرة، وما تلك الأثواب الزاهية إلا أشياء صناعية.
أما معدات الدراسة، فلا مكتبات، ولا كتب، ولا أقلام، ولا أوراق. ولهذا فقد كانوا يصنعون من بيئتهم كل ما يحتاجون إليه، بمعنى.. أن لديهم اكتفاءً ذاتياً.
يقول الأستاذ عبدالكريم: "كنا نتعلم القراءة والكتابة على رمالنا النقية، وكنا نصنع ألواحاً عريضة تنزل عن الأوراق، وكنا نُطلي هذه الألواح ونكتب عليها، فإذا حفظنا ما كتب عليها، محوناه مع الطبقة الجيرية التي طلينا بها الألواح، ثم نعيد نعجنه ونطبخه، حتى ينعقد".
ثم نعمل منه أقراصاً نجففها، ثم نستعملها في الدواة، والدواة زجاجة ترد إلينا من الخارج، وقد يكون فيها دواء وقد يكون فيها أية مادة أخرى.
أما الأقلام، فتتم صناعتها من قضبان الأشجار، حيث يتم بريها ثم تشق من وسطها ثم يستعملونها للكتابة. هكذا كانوا يكتبون، ومن هذه الأرضية البسيطة والأساس اللاعلمي في مقاييس العصر الحديث.
انطلق أبو سهيل ليقيم الدنيا ولا يعقدها كأبرز وألمع ما يكون المثقف المتفاعل والمواطن الواعي لدوره في هذه الحياة.
وقد خرج أبو سهيل من عهد الطفولة -بحمد الله- بلا مشكلات ولا عقد نفسية ولا عاهات بدنية، ولا أحقاد اجتماعية، وهذا من فضل الله ورحمته التي يخص بها بعض عباده، وهو حري بها ولا شك.
حياته العلمية والعملية:
-تلقي العلم في القرية:
لم يكن من المتوقع أن يتعلم هذا الطفل الذي عاش بين قريتين، تارة عند أهل والده وتارة عند أهل أمه، وأن يواصل تعليمه ويكون من الكتاب البارزين.
إذ أن من المعروف وكما جرت العادة أن من يعيش مرحلة الطفولة، بدون وجود كيان أسري سليم، عادة ما يكون حظه من التعليم قليلاً، وذلك لأن الطفل لا يحظى برعاية أسرية كاملة وخصوصاً في زمن لا نسمع فيه إلا عن الكتاب والشيخ.
وكان التعليم غير منتشر كما هو الآن ولا أحد يعرف أهميته. عندما بلغ السادسة من عمره دخل كتاب القرية، وكان إمام المسجد هو الذي يتولى تعليمه مبادئ القراءة والكتابة، أما الثقافة في القرية محدودة جداً، إذ يكفي المرء المتعلم أن يعرف القراءة والكتابة.
وقد يكتفي الكثير منهم أن يعرف قراءة القرآن الكريم فقط، وكان لا يوجد في القرية من يقرأ الخطاب إلا إمام القرية وبعض الأفراد الذين لا يتجاوز عددهم الواحد أو الاثنين.
وعندما انقضى عهد الطفولة الذي يقرب من عهد الشباب، كان قد ختم القرآن الكريم نظراً، وحفظ بعض السور غيباً، كما أنه يكتب بخط هو في نظره جميل إذا قارنته بخطوط لداته.
-في الرياض: لم يكتف هذا الطفل الذي نشأ في أسرة لها ظروفها الخاصة بالتعليم وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية بل نجده يحاول إتمام المسيرة العلمية في مدينة الرياض حيث العلم والمعرفة أكثر انتشاراً من القرى ذلك الوقت.
ذهب مع والده إلى الرياض.. والده لطلب المعيشة وهو لطلب العلم، وبعد وقت قصير لحق به ابن عمه إبراهيم رحمه الله فقرأ على يد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مبادئ النحو.. وعلى أخيه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بعض مبادئ الفرائض.
ومكثا على هذا الحال في الرياض حوالي عام، ثم سمت هممهما وفكرا ابن عمه وهو أن يشدا الرحال إلى أطهر بقعة.. إلى مكة المكرمة، وأن يقرأ على مشايخ الحرم، وهذا ما حصل.
-تلقي العلم في مكة المكرمة:
وعندما وصلا إلى مكة المكرمة وجدا أن الدراسة فيها تحتاج إلى نفقة وتحتاج إلى سكن وهما صفر اليدين فالتحق ابن عمه بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحق أبو سهيل بالهجانة.
وبهذا ضمنا سكناً ونفقة، وواصلا طلب العلم، في الأوقات التي ليس فيها واجبات رسمية. وفي السنة التالية أنشئ المعهد العلمي السعودي في مكة.
ولكن الإقبال عليه كان ضئيلاً فأمر جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بأن يختار الشيخ محمد بن إبراهيم بعض الشباب النجديين للدراسة فيه، فكان عبد الكريم وابن عمه من جملة من اختارهم لدخول المعهد.
وضمنت لهم الدولة سكناً وإعاشة ونفقات لبعض ما يحتاجانه من أوراق ودفاتر وكتب. بقي عبد الكريم ثلاث سنوات نال بعدها من المعهد الشهادة وكان ذلك عام ۱۳۵۱هـ.
وبهذا يكون تخرجه من المعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة في نفس السنة التي وحد فيها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أرجاء البلاد.
-العمل الحكومي:
كان أول عمل قام به الأستاذ الجهيمان معلماً بمدرسة المعلاة بمكة المكرمة، وبعد ذلك عاد إلى نجد فتولى تأسيس مدرسة في الخرج، ثم انتقل إلى مدرسة أنجال ولي العهد الأمير سعود آنذاك.
جلالة الملك سعود رحمه الله.
قضى فيها فترة قصيرة ودرس لفترة قصيرة أيضاً في منزل الأمير سليمان السديري، ثم انتقل إلى مدرسة أنجال الأمير عبد الله بن عبد الرحمن، وبقي مديراً لهذه المدرسة خمسة أعوام. بعد ذلك سافر إلى المنطقة الشرقية وتولى إدارة شركة الخط للطبع والنشر.
وطلب باسم شركة الخط إصدار جريدة باسم "أخبار الظهران" وصدرت هذه الجريدة وتولى رئاسة تحريرها مدة سنتين، وبذلك يكون أول صحفي يصدر أول جريدة في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
ثم عاد بعد ذلك إلى الرياض، والتحق بوزارة المعارف وأسند إليه فيها إدارة التفتيش الإداري، وفي الرياض تعددت لديه جوانب العمل، ثم عمل لفترة قصيرة مديراً للعلاقات العامة بوزارة المالية.
-الكتابة والعمل الصحفي:
مارس أبو سهيل الكتابة مبكراً فكتب بعض المقاولات في "صوت الحجاز".
ولعل أول مقالة نشرت له كانت عبر هذه الجريدة !! وكتب بعض القصائد في المنهل وأم القرى وألف رسائل ومقررات كانت تدرس في جميع مدارس المملكة.
فألف في الفقه والتوحيد، وشارك الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله في تأليف مقررات المحفوظات والتهذيب، وأصدر رسالة باسم "محاورة طريفة بين ذي لحيه ومحلوقها".
-في صحيفة أخبار الظهران:
كانت بداية العمل الصحفي الفعلي بالنسبة للأستاذ عبد الكريم الجهيمان مع بداية صدور جريدة أخبار الظهران التي تولى رئاسة تحريرها. وقد استفاد من رئاسة تحرير هذه الجريدة، وأحدثت عنده تحولاً كبيراً.
فقد عرف من خلال المقالات والرسائل التي ترد إلى الجريدة كثيراً من الأفكار والاتجاهات التي منها ما هو في الخيال، ومنها ما هو مصيب لكبد الحقيقة، ومنها ما هو قابل للنشر، ومنها مالو نشر لسبب للجريدة ولرئيس تحريرها بلاء عظيماً كما يقول أبو سهيل.
وقد جمع هذه المقالات التي كتبها في صحيفة "أخبار الظهران" التي صدرت في الدمام في خلال ثلاثة أعوام ١٣٧٤ ، ١٣٧٥ ، ١٣٧٦ هـ في كتاب أسماه "دخان ولهب"، وهذه المقالات لا تمثل أفكار كاتبها فحسب، بل إنها أيضاً تمثل أفكار الوسط الذي كان يعيش فيه.
وتمثل أحاسيس أمتنا فيما كان يحيط بها من المشكلات.. وفيما كان يساورها من تحفزات إلى حياة كريمة يعيش الجميع في ظلها، حياة متعددة الجوانب ويجد فيها كل مواطن طريقاً لحياة سعيدة.. ومفيدة.. جمعها ونشرها لأنها لون من ألوان حرية الرأي.
ولون من ألوان معالجة بعض الشؤون العامة التي كان يهم المواطنين أمرها، ويشغلهم التفكير فيها ويتطلعون إلى معالجتها على شكل يحقق أمانيهم وآمالهم البعيدة. وقد قام بنشر هذا الكتاب وطباعته بمطابع الفرزدق التجارية في الرياض.
وقد احتلت الموضوعات السياسية أكثر من نصف الكتاب.. إذ بلغ عدد صفحاتها حوالي مائة وثلاثين صفحة، أما الاجتماعيات والشؤون الصحية والثقافية والاقتصادية فقد كان نصيبها جميعاً أقل من نصف الكتاب.
-في صحيفة اليمامة:
بدأ يكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفة اليمامة في الأعوام ۷۷، ۷۸، ۱۳۷۹هـ، وكان قد أنشأها ورأس تحريرها الشيخ حمد الجاسر، وإذا سافر الشيخ علامة الجزيرة تولى أبو سهيل رئاسة تحريرها.
وبين حين وآخر كان يتولى رئاسة تحريرها الأستاذ سعد البواردي. وقد جمع من بعض مقالاته في اليمامة كتاباً وأسماه "أين الطريق" بلغ عدد صفحاته ما يقرب من ثلاثمائة وخمسين صفحة، وقامت دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت بطباعته عام ۱۳۸۱ه*.
ومع أن هذه المقالات لا تمثل إلا وجهة نظر طرف واحد، إلا أن الناظر إليها سوف يجدون طواياها بعض الإشارات والتلميحات التي تمثل وجهة النظر الأخرى التي لابد أن تفتح آفاقاً بعيدة للتأمل، يعيش فيها ما يراه بما يسمع به، وما يسمع به بما يتخيله.
وقد تناول الكتاب مواضيع عدة منها ما هو في الشؤون العامة، ومنها ما هو في النقد والشؤون الاجتماعية والاقتصادية.
-الإشراف على صحيفة القصيم:
كان هناك صحيفة أخرى باسم القصيم طلب منه أصحابها أن يتولى الإشراف على تحريرها، فاستجاب بعد إلحاح منهم، وكان يكتب أسبوعياً مقالاً رئيسياً في هذه الصحيفة، كما كان يكتب كلمات بعنوان "المعتدل والمائل".
وكانت هذه الكلمات لها قبول حسن لاختصارها، ولأنها تعالج كثيراً من شؤوننا الاجتماعية والاقتصادية ومن هذه المقالات أخرج أبو سهيل كتاباً أسماه "آراء فرد من الشعب" يقع في أكثر من ثلاثمائة صفحة.
-الأمثال الشعبية:
جاءت فترة عزف فيها أبو سهيل عن الكتابة في الصحف فاتجه إلى تدوين بعض الآثار التي تركها لنا الآباء والأجداد من أمثال وقصص.
واتجه إلى الأمثال التي كان قد سبقه إلى التأليف فيها فضيلة الشيخ محمد العبودي الذي أصدر كتاباً في الأمثال يحتوي على ما يقرب من ألف مثل. وقد كان لأبي سهيل في مجال الأمثال الشعبية جهوداً مضنية متواصلة، استمرت لأكثر من عشرين عاماً.
يضيف إليها ويشذب منها ويهذب، كما فعل الميداني في كتابة "مجمع الأمثال"، الذي يعتبر أوفى كتاب في أمثال العرب، وقد اعتمد في جمعه على أكثر من خمسين كتاباً لخصها ورتبها، وأضاف إليها ما يعرفه مما فات من قبله.
أما أبو سهيل فليس أمامه إلا ثلاثة مصادر لا غير:
*الأول: ما تختزنه الذاكرة من هذه الأمثال.
*الثاني: الأشعار الشعبية التي فيها كثير من الحكم والأمثال والتجارب.
*الثالث: هو المجتمع الذي يعيش فيه، والذي تجري على ألسنتهم الأمثال في مخاصماتهم.
كان أبو سهيل يخالط مختلف الطبقات، فيتحدثون إليه ويتحدث إليهم والأحاديث يجر بعضها بعضاً، وتجري على الألسنة بعض الأمثال في مناسبة أخرى، أو متحدث آخر له نفس القدرة وقدرة على استحضار الأمثال في مناسبتها. ولهذا كان القلم والقرطاس يلازمانه.
فلا يمر على مثل إلا سجله حالاً حتى تكون لديه مبدئياً ما يقرب من ثلاثة آلاف مثل، فسارع إلى طبعها في ثلاثة أجزاء، ثم صار يغري من اجتمع به من المواطنين بأن يعطي كل من يأتيه بعشرة أمثال ليست في الكتاب عن كل مثل ريالاً.
أو من يأتيه بثلاثين مثلاً يمنحه كتاب الأمثال كاملاً. واستمر على هذه الحال فترة من الزمن ليست بالقصيرة، حتى تجمع لديه عشرة آلاف مثل طبعها في عشرة أجزاء، وهي الآن متداولة في أيدي الناس.
وقد طبع منها طبعة خاصة لوزارة المعارف فيها بعض التعديلات الطفيفة، فوزعتها على مكتبات المدارس في جميع أنحاء المملكة.
كما أن دار نشر في لبنان قد طلبت منه أن يحور اسم كتاب "الأمثال" فيلغي كلمة قلب ليكون اسم الكتاب "الأمثال الشعبية في الجزيرة العربية" وقالت إن حكومة عربية سوف تشتري منه آلاف النسخ، فرفض هذا العرض المغري، ليبقى الكتاب باسمه الذي يعبر عن واقع الحال.
-القصص والأساطير:
اتجه الأستاذ عبد الكريم الجهيمان إلى جمع القصص والأساطير والسوالف، فجمع منها ثروة كونت خمسة أجزاء، كل جزء يبلغ عدد صفحاته أربعمائة صفحة.
-قصص الأطفال:
ولكاتبنا مجهود آخر، وهو قصص الأطفال.. حيث ألف سلسلتين من هذه القصص، إحداها باسم "مكتبة الطفل في الجزيرة العربية" وهي عشر قصص، كل قصة في نحو ملزمتين. أما السلسلة الثانية فهي باسم "مكتبة أشبال العرب" وهي عشرة قصص أيضاً كل قصة في نحو ملزمة واحدة.
وقد دفعه إلى كتابة ونشر هذه القصص أن كثيراً من كتب الأطفال لا تعبر عن محيطنا ومجتمعنا، ولا تثير في الطفل رغبة القراءة لأنها لا تعبر عن كوامن نفسه، ولا تستثير رغباته.
فهو يحب فيما يقرأ أو يسمع حديث البطولة والأبطال التي فيها حركة، قد يصحبها شيء من العنف والصراع في سبيل مجد يبنى، أو ثروة تكتسب، أو قهر عدو فيه خطورة على طرف آخر، قد يكون هذا الطرف فرداً أو قبيلة.
ولهذا نجد أن أبا سهيل قد توخى في هذه القصص أن تلبي طلبات الأطفال، وتعزز وتحبب القراءة لهم، وهذا مطلب أساس في تربية الأطفال.
-الرحلات:
ولأبي سهيل رحلات متعددة منها ما هو في بلاد العرب، ومنها ما هو في بلاد الغرب. ففي الرحلات العربية زار الكويت والإمارات وعمان وبغداد، وقد قام في سنة من السنوات برحلة من القاهرة إلى بلاد المغرب بالسيارة، ليبيا وتونس والجزائر، ولم يتوقف إلا في طنجة.
أما بالنسبة لرحلات أوروبا وأمريكا، فقد قام برحلة إلى أوروبا زار خلالها معظم البلاد الأوروبية من ضمنها باريس والتي ألف عنها كتاب بعنوان: (ذكريات باريس).
-آخر المؤلفات:
آخر كتاب طبعه هو كتاب "أحاديث وأحداث" وهو مجموعة من المقالات التي نشرت في صحف متفرقة من صحفنا السعودية وذلك في عام 1407ه* بمطبعة الفرزدق التجارية في الرياض ويتكون الكتاب من حوالي ثلاثمائة وخمسين صفحة.
ومقالات هذا الكتاب في مواضيع شتى منها ما هو في شؤوننا الاجتماعية، وقد احتلت حوالي ثلث الكتاب، ومنها ما هو في الشؤون السياسية والفلسفة والأدب الشعبي وبعض المناقشات والردود عليها وبعض ذكريات الطفولة.
ومن إصدارات الشيخ عبدالكريم الأخيرة "مذكرات وذكريات من حياتي" و "رسائل لها تاريخ" وله ديوان شعر باسم "خفقات قلب".
انتهى.
#السيرة مقتبسة من كتيب "مسيرة رائد" الصادر من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون فرع الدمام بمناسبة الأمسية التكريمية للأديب عبدالكريم الجهيمان رحمه الله عام ٢٠٠١م، والذي قام بإعداده الأستاذ ناصر الحميدي.
image

بواسطة : admin
 0  0  3.3K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:41 صباحًا السبت 23 أغسطس 2025.