• ×

12:58 صباحًا , الجمعة 19 أبريل 2024

المقال الذي بسببه أوقفت صحيفة أخبار الظهران

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

يقول أستاذنا الفاضل عبدالكريم الجهيمان - أمد الله في عمره - في معرض حديثه عن صحيفة أخبار الظهران وسبب توقفها أنه قد نشر مقالاً بتوقيع محمد بن عبدالله «أو قريب من هذا الاسم» يدعو إلى تعليم الفتاة، فبعد أن قرأه المسؤولون استغربوا نشره، فسألوا عن كاتبه فقال إنه لا يعرفه ولكنه مقتنع بما جاء فيه، فقالوا إما أن تدلنا على كاتبه أو تكون أنت المسؤول عن جميع ما ورد فيه، فتحمل مسؤوليته وأوقف عن العمل «وأوقفت الصحيفة عن الصدور وأوقف رئيس تحريرها»، وقد مكث موقوفاً واحداً وعشرين يوماً، ولم يشعر بعد هذه الأيام إلا بالجندي وهو يفتح الباب فجأة. ويقول له خذ فراشك واذهب لأهلك، عدت للجريدة «أخبار الظهران» متصفحاً الأعداد الموجودة فعثرت على المقال المذكور، وقد نشر على عددين، الصادرين بتاريخ 30/3/1375هـ و15/4/1375هـ، بعنوان «في شؤوننا - ١٣ - نصفنا الآخر» بتوقيع الدمام - م.البصير، يقول فيه «...ومع ذلك فإننا لا نزال نرى الكثيرين من مواطنينا يتهيبون من تعليم بناتهم أشبه ما تكون بالببغاء التي تحكي ما تلقت فإذا خرجت بها قليلاً عما لقنت وجدتها كالعجماوات الأخرى اللاتي لديها شيء من الذكاء الفطري إلا أنه ينقصه التوجيه العلمي والصقل الفكري، ونحن لا ندري لماذا يتخوفون.. ولماذا يتوهمون وهم يرون بأم أعينهم أن الجهل لا يعصم من المزالق.. وأن العلم والمعرفة لا تنحدر بصاحبها بقدر ما ينحدر به الجهل.. ونظرة خاطفة إلى ما حولنا أو مقارنة سريعة تظهر لنا هذه الحقيقة واضحة جلية لا غبار عليها «....» وأنا أعرف شخصياً بعضاً من مواطنينا الكرام الذين بدأوا يعرفون هذه الحقائق ويشعرون بتطور الزمن فصار بعضهم يرسل عائلته مع بناته إلى أحد الأقطار المجاورة ويتركهم يعيشون هناك ويتحمل البعد عن عائلته كما أن عائلته تتحمل البعد عن عائلها كل ذلك في سبيل تحقيق هذا الأمر الذي أصبحوا يشعرون به ويقتنعون بضرورته ألا وهو تعليم بناتهم، بعد هذا أفليس من الخير لنا أن تهيئ هذه المدارس في محيطنا وأن نشرف عليها بأنفسنا وأن نكيفها بالكيفية التي تتناسب مع أخلاقنا وعاداتنا ومتطلبات حياتنا بدلاً من أن يفلت الزمام من أيدينا وتتعلم فتياتنا في أقطار تختلف حياتها عن حياتنا «....» إننا نتوجه بهذه الكلمة المملوءة بالإخلاص والغيرة إلى صاحب السمو وزير المعارف... ونحن نعلم من سياسة حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها مليكنا المحبوب «سعود الأول» رغبتها الأكيدة في إنهاض البلاد من كل ناحية والسير بها قدماً في طريق التقدم والرقي..». كانت الأعداد التي تسبق العدد التاسع عشر تصدر من أربع صفحات فبدأت من العدد المذكور تصدر بست صفحات ثم عادت من العدد الثاني والثلاثين بأربع صفحات واستمرت بالصدور كل 15 يوماً، فعادت إلى ست صفحات من العدد 40 وتصدر نصف شهرية. وفي العدد الحادي والثلاثين الصادر يوم الأحد 1 ربيع الثاني 1376هـ الموافق 4 نوفمبر 1956م نشر في الصفحة الثانية مقال بعنوان: «في شؤوننا، لا تهيب... ولا أوهام..!» بقلم ابن أحمد يعلق فيها على كلمة الأخ م.البصير ويدافع عن تعليم الفتاة ويقول: «..مع أنه لا يوجد - البتة - بين مواطنينا من يتهيب تعليم إناثه وإنما هناك عقبات تحول بين الكثرة منا وبين تعليم كريماتهم، وأهم تلك العقبات: ١ - عدم وجود المعاهد التي تعنى بتعليم الإناث أمور دينهن وتدريبهن على الشؤون المنزلية والتربوية. ٢ - عجز الكثرة من مواطنينا عن تعليم بناتهم في بلد مجاور... بسبب صعوبة الإنفاق، ثم يستمر في تعداد ما يسببه الجهل من تأخر بناتنا مما يدفع البعض إلى الزواج من الخارج، وبعد فإن من الخير لنا ولوطننا وللأجيال القادمة من بعدنا أن نعد لبناتنا المدارس حيث يتعلمن أمور دينهن ويأخذن من الثقافة القدر الموائم لبيئتنا ويتماشى مع تقاليدنا وأن نهيء لهن معاهد التدريب المنزلي والتدبير ليكن زوجات صالحات وأمهات نافعات ومواطنات طيبات وبذلك نعمل متضافرين مع مليكنا المفدى..» ويستمر المقال إلى العدد التالي مستشهداً بأقوال لبعض الحكماء ورجال الدين مثل عبدالحميد الخطيب في كتابه «أسمى الرسالات»، نظام الأسرة، واختتم مقاله بالتوجه مع الأخ البصير - كاتب المقال الأول إلى سمو وزير المعارف، برجاء درس هذه الناحية الهامة - ناحية تعليم الفتيات - في حياتنا من جميع نواحيها، والبدء فيها بخطوات متزنة« وسيجد سموه من تأييد وتشجيع حامل مشعل النهضة السعودية «سعود الأول حفظه الله» ما يذلل الصعاب ويذيب العقبات، وفي تعاون المواطنين - فقراء وأغنياء - ما يثلج الفؤاد ويقوي العزيمة، وأخيراً أشكر للأخ م.البصير، إذ حبب إليا لولوجة في هذا الموضوع وأنا لا بنت لي ولا ولد وأعده أن التقي معه مرة أخرى إن شاء الله لنرى إذا ما كان عزوف بعض إخواننا عن الزواج بالمواطنات السبب فيه حقاً هو جهلهن كما قال الأخ؟ أم أن هناك أشياء اعتُبر اتخاذها ذريعة للزواج من أجنبيات...». بصدور العدد الرابع والأربعين يوم الإثنين 29 رمضان 1376هـ الموافق 29 أبريل 1957م تنتهي علاقة الأستاذ عبدالكريم الجهيمان بالجريدة بإيقافه وقفل الجريدة.. «يقول فاسيلييف في كتابه «تاريخ المملكة العربية السعودية» ص415، 416 كانت صحيفتا «الفجر الجديد» و«أخبار الظهران» تنشران مقالات تنتقد الحكومة علناً أو بشكل غير مباشر، وقد اعتقل صاحب امتياز الفجر الجديد ورئيس تحريرها يوسف الشيخ يعقوب والصحفي أحمد الشيخ يعقوب وأغلقت الصحيفة، كما اعتقل رئيس تحرير «أخبار الظهران» عبدالكريم جهيمان وجلد قبل إيداعه السجن...« وعند سؤال الجهيمان عن هذه الرواية نفى وبشدة حكاية الجلد. إلا أنها عاودت الصدور بعد حوالي سنتين من أصحاب الامتياز أنفسهم «شركة الخط للطبع والنشر» وتحت مسؤولية مديرها ورئيس تحريرها المسؤول: عبدالعزيز الحمد العيسى وقد نشرت صحيفة اليمامة بعددها 271 الصادر يوم الأحد 8 ذي القعدة 1380هـ الموافق 23 أبريل 1961م خبراً بعنوان «أخبار الظهران» يقول: «عادت صحيفة أخبار الظهران إلى الصدور في 28 شوال سنة 1380هـ فصدر في هذا اليوم عددها الـ 45 من سنتها الثالثة». و«اليمامة» تستقبل الصحيفة الكريمة بخير ما تستقبل به صحيفة وطنية، يرجى أن تسهم في الميدان الصحفي بنزاهة وإخلاص، راجية أن تكون كما جاء في فاتحة عددها الأخير: «أقوى مما مضى آلت على نفسها أن تتخذ منهجاً سوياً... يحددها الإخلاص في قولها، ويدفعها الإيمان برسالتها» فيملان وإلى الأمام أيتها الرصيفة الكريمة، وقد وقع بيدي العدد 86 السنةالثالثة الصادر يوم الثلاثاء 1 رمضان 1381هـ الموافق 6 فبراير 1962م والصادر بثماني صفحات، فنجد بالصفحة الأولى مقالاً بعنوان «حديث القلم.. فلنتحدث بصراحة..!» بقلم عبدالرحمن محمد السدحان فمقال «خارج بلادي.. في مدريد - 28» بقلم عبدالكريم الجهيمان، فـ «قانون الشركات التجارية» بالكويت لإسماعيل الناظر - المحامي، يأتي بعده كلمة «مع الفجر..خبر.. ونصيحة.. ثم ماذا؟؟!!» لعبدالله سعود القباع فـ «جيل الإخصاب والحساسية - ٤» لإبراهيم الناصر يليه «منبرا الرأي - عروبتنا بين الماضي والحاضر - 3» بقلم «أبو العلا» في الصفحة الثانية والثالثة بعض الأخبار والإعلانات ومقالات قصيرة في الصفحة الرابعة «منبر الشباب» يعدها ويحررها محمد علي اللحيدة، وفي الصفحة الخامسة قصة العدد «الأزرة الذهبية» أحمد فؤاد الغول، فمقال محمد سعيد قربان بعنوان «نبع القلب» بالصفحة السادسة وبقية كلمات الصفحة الأولى، وكذا الصفحة السابعة والثامنة والأخيرة... وهكذا استمرت الجريدة في الصدور حتى صدر نظام المؤسسات الصحفية فتوقفت حيث صدرت جريدة اليوم عام 1383هـ وفق النظام الجديد. وفي الختام: هذه إطلالة سريعة على أول صحيفة تصدر بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، أخبار الظهران، وقد دفعني إلى هذه القراءة السريعة، صدور كتاب مؤسس هذه الصحيفة أستاذنا ووالدنا الرائد عبدالكريم بن عبدالعزيز الجهيمان، الأساطير الشعبية مترجماً للغة الروسية مؤخراً وبلوغه الخامسة والتسعين من العمر أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية - رغم أن بطاقته الشخصية - الأحوال - تقول إنه من مواليد 1333هـ أي أنه لم يكمل بعد التسعين، وهو لا يعترض كثيراً على هذا الاختلاف. فإذا كان العلامة الأستاذ حمد محمد الجاسر - رحمه الله - يعتبر رائداً للصحافة والطباعة في المنطقة الوسطى فالأستاذ عبدالكريم الجهيمان يعتبر بحق رائدها في المنطقة الشرقية من المملكة بلا منازع.

بواسطة : admin
 0  2  12.0K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:58 صباحًا الجمعة 19 أبريل 2024.