• ×

02:41 مساءً , الجمعة 26 أبريل 2024

عقول من القرن الماضي ..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
عبدالله إبراهيم الكعيد.


* *\"ومع ذلك فإننا لانزال نرى الكثيرين من مواطنينا يتهيبون من تعليم بناتهم ويذهبون في تهيبهم هذا الى حالات هي أقرب الى الخيال منها الى الحقيقة ويتركون بناتهم أشبه ماتكون بالببغاء التي تحكي ماتلقّت فإذا خرجت بها قليلاً عما لقنت وجدتها كالعجماوات الاخرى اللاتي لديها شيء من الذكاء الفطري إلاّ أنه ينقصها التوجيه العلمي والصقل الفكري ونحن لاندري لماذا يتخوّفون ولماذا يتوهمون وهم يرون بأم أعينهم أن الجهل لايعصم من المزالق\" هذا الكلام تسبب في إيقاف قائله وإيقاف جريدته عن الصدور..! القائل هو الشيخ عبدالكريم الجهيمان والصحيفة هي(الظهران) وتاريخ النشر كان في العام 1367ه 1956م أي قبل نصف قرن من اليوم وقد وردت هذه المعلومات في كتاب (سادن الاساطير والأمثال ، عبدالكريم الجهيمان قرن من العطاء) طبعة 2001م من إعداد محمّد بن عبدالرزّاق القشعمي .
هكذا كان قدر روّاد التنوير وهذه نتائج آرائهم ولكن كيف هي المُحصّلة اليوم؟؟ مئات الآلاف من المدارس وعشرات الكليات تُعلّم المرأة مختلف العلوم والمهارات وأكثر من جامعة للبنات وخرّيجات بمئات الألوف يتسنّمن مناصب عديدة في مختلف التخصصات ويُساهمن في تنمية بلادنا بل ويقدن مع غيرهن مسيرة البناء والتطوير، ماذا لو لم يتم الاصرار على تعليم البنات ولم تسمع الدولة لهذه الأفكار التنويرية وتم إسكات هؤلاء المخلصين كيف ستكون حالنا اليوم..؟؟ ناشد الجهيمان أولي الأمر آنذاك بقوله \"إننا نتوجّه بهذه الكلمة المملوءة بالإخلاص والغيرة الى صاحب السمو وزير المعارف ونحن نعلم من سياسة حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها مليكنا المحبوب (سعود الأول) رغبتها الأكيدة في إنهاض البلاد من كل ناحية والسير بها قُدماً في طريق التقدّم والرقي\".

ولأنها كانت كلمة مملوءة بالإخلاص والغيرة على الوطن فقد تم التقاطها والأخذ بها ولم يحدث بعدئذٍ ماتهيّب منه المتهيبون وبالفعل فقد كان الخيال القاصر هو الذي قاد المعارضين لفكرة تعليم البنات وهو نفس الخيال المتوهّم الذي يقود البعض اليوم لمعارضة عمل المرأة في المحلاّت التجارية وقيادتها للسيارة وغيرها من الأنشطة المشروعة وكأن التاريخ يعيد استنساخ نفس العقول ونفس التوهّمات وسوف يأتي اليوم الذي يقرأ فيه أولادنا تلك المطالبات ويضحكون كثيراً على بساطتها وكيف أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين ولكن بنفس أفكار ورؤى وتهيبات القرون الماضية..!

حينما نتمعّن فيما كان يشغل بال رواد التنوير في بلادنا آنذاك فإننا لانملك إلاّ أن نقف احتراماً وإجلالاً لجهودهم وصبرهم ودأبهم في المطالبة بإخراج بلادنا من إرادة الانكفاء والانغلاق إلى إرادة الانفتاح والاستفادة من تجارب الشعوب والأمم المتقدمة ولو نظرنا اليوم الى أكثر الأفكار رواجاً لوجدناها من البساطة والسذاجة والضحالة مايُؤكّد رغبة البعض في العودة للماضي والتمسّك بأفكار وتقاليد لاتتناسب وعصرنا الحاضر عصر المنافسة على الاختراعات والاكتشافات وسيطرة وسائل التقنية والاستفادة القصوى من كُل العناصر البشريّة ايّاً كان جنسها فلا مكان اليوم للضعفاء ولن يُنافس من يسير على رجلٍ واحدة أبداً..!

صحيفة الرياض: السبت 17 ذي الحجة 1427هـ - 6 يناير 2007م

بواسطة : admin
 0  0  1.2K
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:41 مساءً الجمعة 26 أبريل 2024.